الأحد، 24 يناير 2010

ابن خلكان و النسب الرفاعي


ابن خلكان و النسب الرفاعي

بقلم السيد عماد الصيادي الرفاعي

من الشبهات التي ينقلها البعض عن النسب الرفاعي ما ذكره ابن خلكان في ترجمته للسيد أحمد الرفاعي عن أصل كلمة الرفاعي وانها نسبة الى رجل من العرب ، فأخذ البعض هذا القول كشاهد على عدم صحة نسب السيد أحمد الرفاعي أو صحة السادة الرفاعية لدوحة آل البيت المحمدية العلوية ، وهذه الشبه يقبلها من لم تكن الصورة مكتملة لديه فيقول بنفس القول أما من يتوسع في البحث في نسب السادة الرفاعية ويطلع على الأقوال الأخرى وهى الأغلب سيجد ان النسب الرفاعي ثبت لدى النسابين وثبت لدى الباحثين والكتاب من بعد ذلك ، ولتوضيح المسألة أقدم هذا الجهد البسيط سألين المولى ان يوفقنا لتوضيح الحقيقة :

عرف ابن خلكان (الرفاعي) في كتابه (وفيات الاعيان ص 52) (موقع الوراق) بالتالي : الرفاعي : هذه النسبة الى رجل من العرب يقال له رفاعة هكذا نقلته من خط بعض أهل بيته.

وأقول : نلاحظ أن بن خلكان نقل نسبة الرفاعي نقلا عن كتابة خطت بقلم أهل بيت السيد أحمد الرفاعي وليس سماعا من أحد ، والمعلوم أن الكتابة يدخل عليها التصحيف والاخطاء وغالبا ما كانت الجملة أصله من المغرب كما ذكر الذهبي (أن أبوه قدم من المغرب) وصحفت الى أصله من العرب.
وهو ما وضحه ابن الملقن (723-804هـ) في كتابه (طبقات الأولياء) ص 15 (موقع الوراق) : أصله من المغرب، وسكن البطائح.
ويقول ابن الملقن أيضا في نفس الصفحة: والرفاعي نسبة إلى رفاعة ، رجل من المغرب.
أما ابن خلكان فيقول : هذه النسبة الى رجل من العرب.

ثانيا: أن كلمة العرب تفيد العموم وتشمل كل العرب الهاشمي منهم وغير الهاشمي ، وهى ليست مصطلحا يطلق على غير الهاشمي.

ثالثا : نقل أبن خلكان عن بعض أهل بيت السيد أحمد الرفاعي فهم إذا حجة في النقل عنهم في هذه المسألة ، واذا راجعنا كتاب (المعارف المحمدية في الوظائف الأحمدية) للسيد عز الدين أحمد الصياد (574 – 670هـ) وهو السابق في ولادته لابن خلكان وتوفى قبله بأحدة عشرة سنة (ابن خلكان 608 - 681هـ) سنجد أن السيد أحمد الصياد ذكر نسب السيد أحمد الرفاعي كاملا في (ص 130) الى سيدنا على بن ابي طالب . فهذا سبط السيد أحمد الرفاعي من بنته زينب يذكر نسب جده لأمه كاملا ومتصلا الى سيدنا على بن ابي طالب. وكتاب (المعارف المحمدية) كتاب مطبوع وآخر طبعه له كانت سنة 1305هـ ويوجد منه نسخة في مكتبة الأزهر في القاهرة ، ولقد ذكر هذا الكتاب (المعارف المحمدية) في عدة مراجع لمؤلفين متقدمين أثنى عليهم بعض أهل العلم كالذهبي وابن كثير وابن حجر العسقلاني وسيأتي تفصيل ذلك لآحقا أن شاء الله

رابعا : أن مجموعة من أهل العلم عندما ترجموا للسيد أحمد الرفاعي خالفوا ابن خلكان ولم ينقلوا عنه قوله : أصله من العرب بل قالوا المغربي مع أنهم ينقلون عن ابن خلكان جزء من ترجمتهم للسيد أحمد الرفاعي.
مثال ذلك ما ذكره الذهبي (تاريخ الاسلام) ص 4070 (موقع الوراق) : أبو العباس الرفاعي، المغربي. ونقل عن ابن خلكان في نفس الترجمة فقال : قال القاضي ابن خلّكان: كان رجلاً صالحاً، شافعيّاً، فقيهاً، انضم إليه خلق من الفقراء، وأحسنوا فيه الإعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية. ويقال لهم البطائحية. ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيّات حيّةً، والنزول إلى التنانير وهي تضرم ناراً، والدخول إلى الأفرنة، وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخبّاز يخبز في الجانب الآخر.وتوقد لهم النار العظيمة، ويقام السماع، فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ. ويقال إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه. ولهم أوقات معلومة يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يحصون ويقومون بكفاية الجميع. والبطائح عدّة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة.أ.هـ
وتلاحظ أخي القارىء ان الذهبي لم ينقل ما قاله ابن خلكان من أن السيد أحمد الرفاعي أصله من العرب مع انه ينقل عن ابن خلكان ترجمته للسيد أحمد الرفاعي.

مثال أخر : ما ذكره ابن قاضي شهبة (توفى 851هـ) في كتابه (طبقات الشافعية) ص59 (موقع الوراق) : أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة، الزاهد الكبير المشهور، أبو العباس الرفاعي البطائحي، المغربي الأصل. ولد في المحرم سنة خمسمائة، وتخرج بخاله الشيخ منصور الزاهد. قال ابن خلكان: كان رجلاً صالحاً، شافعياً، فقيهاً، انضم إليه خلق من الفقراء وأحسنوا فيه الاعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية والبطائحية، ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيات حية، والنزول إلى التنانير وهي تضرم ناراً، والدخول إلى الأفرنة، وينام الواحد منهم في جانب الفرن، والخباز يخبز في الجانب الآخر، توقد لهم النار العظيمة، ويقام السماع فيرقصون عليها إلى أن تنظفئ. ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه انتهى.
ونقل هذا القول بتمامه ابن العماد (توفى 887هـ) في كتابه (شذرات الذهب) ص 844 (موقع الوراق) : فتلاحظ أخي القارىء أن ابن قاضي شهبة وابن العماد نقلا عن ابن خلكان ولكنهما لم ينقلا قوله بأن السيد أحمد الرفاعي أصله من العرب وذكر ابن قاضي شهبة : انه مغربي الأصل.

وهناك مجموعة أخرى من المترجمين والمؤلفين الذين ذكروا أن السيد أحمد الرفاعي (مغربي) ولم ينقلوا كلام ابن خلكان بأنه من العرب مع أنهم ينقلون عن ابن خلكان في مواضع أخرى في كتبهم وهو ما يشير الى انهم أطلعوا على كلام ابن خلكان في حق السيد أحمد الرفاعي ولم ينقلوه ومن الامثلة على ذلك :

الصفدي (توفى 764هـ) في كتابه (الوافي بالوفيات) ص 953 (موقع الوراق) فقال : أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الزاهد الكبير سلطان العارفين في زمانه أبو العباس الرفاعي المغربي رضي الله عنه، قدم أبوه العراق وسكن البطائح بقرية اسمها أم عبيدة،

تاج الدين السبكي (727 – 771هـ) في كتابه (طبقات الشافعية) ص 688 (موقع الوراق) : أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الشيخ الزاهد الكبير ، أحد أولياء الله العارفين والسادات المشمرين أهل الكرامات الباهرة أبو العباس بن أبي الحسن بن الرفاعي المغربي قدم أبوه إلى العراق وسكن ببعض القرى

ابن الملقن (723-804هـ) في كتابه (طبقات الأولياء) ص 15 (موقع الوراق) (ذكر نسبه الى سيدنا على بن ابي طالب)

وكذلك النسابون الذين جاءوا بعد ابن خلكان لم ينقلوا ما ذكره ابن خلكان عن ان السيد أحمد الرفاعي أصله من العرب ، مع أنهم ذكروا ملاحظة على عامود النسب الذي أطلعوا عليه الخاص بالسيد أحمد الرفاعي ومثال ذلك :

السيد النسابة تاج الدين تاج الدين أبو عبد الله محمد (الشهير بابن معية) (توفى 776 هـ بالحلة بالعراق) وهو شيخ ابن عنبة وهو من نقل عنه ابن عنبه قوله في نسب السيد أحمد الرفاعي.
الشريف النسابة أحمد بن على بن الحسين بن على بن مهنا (الشهير بإبن عنبة) (ولد 748 – توفى 828 هـ بكرمان بايران)
السيد النسابة محمد بن أحمد بن عميد الدين الحسني النجفي مؤلف كتاب (المشجر الكشاف لأصول السادة الأشراف)
السيد النسابة محمد بن حسين بن عبد الله الموسوي السمرقندي له تعليقات على كتاب والده (تحفة الطالب لمعرفة من ينسب الى عبد الله وأبي طالب) السيد النسابة جلال الدين حسين بن علاء الدين عبد الناصر ابن عنبة مؤلف (بحر الأنساب)
فجميع النسابين السابقين ذكروا نسب السيد أحمد الرفاعي مع نقلهم لملاحظة السيد ابن عنبه بأن الحسين بن أحمد الأكبر لم يعقب محمد ، ومع ذلك لم يذكر واحدا منهم أن السيد أحمد الرفاعي أصله من العرب كما قاله ابن خلكان .

وأضيف الى ما سبق السيد النسابة محمد مرتضى الزبيدي والذي قد يضنه البعض انه ليس نسابة لأنه أشتهر في مجال آخر ، لهذا حق على أن أعرف به نقلا عن كتاب (منية الراغبين في طبقات النسابين) للسيد النسابة المحقق عبد الرزاق كمونة الحسيني رحمه الله ص 489 فقال :
محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي الملقب بالمرتضى أبو الفيض علامة باللغة والحديث والرجال والانساب ، أصله من واسط في العراق ، ومولده بالهند في بلجرام ومنشأه في زبيد باليمن ، رحل الى الحجاز وأقام بمصر واشتهر فضله ، ولد سنة 1145 وتوفى سنة 1205 ورد مصر سنة 1167 هـ ...... وله تآليف حسنة منها : .....(وجذوة الاقتباس في نسب بني العباس) و (الروض العطار في نسب السادة آل جعفر الطيار) وله تعليقه على (المشجرالكشاف) للعميدي .
إذا فالسيد مرتضى الزبيدي نسابة كما شهد له بذلك النسابة السيد عبد الرزاق كمونة الحسيني وشهد له أيضا عمله في الانساب.

قال السيد مرتضى الزبيدي في كتابه (تاج العروس) ص 2099 (موقع الوراق): وأُمُّ عَبيدة، كسَفِينة: قربَ واسطِ العراقِ بها قَبْرُ أَحَدِ الأَقطابِ الأَربعةِ، صاحِبِ الكراماتِ الظاهِرَةِ السَّيِّدِ الكبيرِ أَبي العَبّأسِ أَحمدَ ابنِ علي بن أحمدَ بن يحيى بن حازمِ بن علي بن رفاعة الرِّفاعِيِّ نسبةً إلى جَدِّهِ رِفَاعَةَ، وهو ابنُ أُخْتِ السيدِ منصورٍ البَطاِئِحيِّ، المُلَقَّبِ بالبازِ الأَشْهَبِ، رضي الله عنهم، ونفعنا بهم.

وعليه فإن ما ذكره ابن خلكان : أن أصله من العرب ، هو تصحيف للحقيقة وهى أن أصله من المغرب كما نص على ذلك مجموعة من المؤلفين في مؤلفاتهم فقالوا : أصله من المغرب.
ولا نغفل عن ذكر ان بعض المؤلفين الذين جاءوا بعد ابن خلكان نقلوا منه نقلا وليس تحقيقا للمسألة من قبلهم ومنهم ابن كثير والشعراني وغيرهم .

أما أبن كثير (توفى 774هـ) فهو ينقل عن ابن خلكان (توفى 681هـ) حيث يقول في كتابه البداية والنهاية ص 928 (موقع الوراق) : وفيها توفي من الأعيان: الشيخ أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد المعروف بابن الرفاعي، شيخ الطائفة الأحمدية الرفاعية البطائحية، لسكناه أم عبيدة من قرى البطائح، وهي بين البصرة وواسط، كان أصله من العرب فسكن هذه البلاد، والتف عليه خلق كثير. يقال: إنه حفظ "التنبيه في الفقه" على مذهب الشافعي. قال ابن خلكان: ولأتباعه أحوال عجيبة من أكل الحيات، وهي حية، والدخول في النار في التنانير وهي تضطرم، ويلعبون بها وهي تشتعل، ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود.
وذكر ابن خلكان: أنه قال: وليس للشيخ أحمد عقب، وإنما النسل لأخيه وذريته يتوارثون المشيخة بتلك البلاد.(انتهى كلام ابن كثير)

فتلاحظ أخي القارىء أن ابن كثير ينقل عن ابن خلكان معلوماته عن السيد أحمد الرفاعي ، كذلك ابن كثير لم يصرح أنه هو مصدر المعلومه التي تقول بأن السيد أحمد الرفاعي أصله من العرب كما فعل ابن خلكان الذي ذكر مصدره فقال (هكذا نقلته من خط بعض أهل بيته) مما يشير الى ان ابن كثير ناقل للمعلومة وليس مصدرا لها ، وعليه فإن القول بإن السيد أحمد الرفاعي أصله من العرب قاله ابن خلكان أولا ونقل عنه من جاء بعده كابن كثير والشعراني .

وكذلك الشعراني ينقل عن ابن خلكان في كتابه الطبقات الكبرى في عدة مواضع ، ولم يذكر الشعراني أنه هو مصدر هذه المعلومة (منسوب الى بنى رفاعة قبيلة من العرب) مما يشير الى انه ناقل لها أيضا.
ولقد ذكر السيد ابو الهدى الصيادي في كتابه (التاريخ الاوحد للغوث الرفاعي الامجد) ص 29 ، نقلا عن الشيخ أحمد القليوبي الشافعي من كتابه (تحفة الراغب) : أن الشعراني ذكر في كتابه (الطبقات الوسطى في الباب الأول) قصيدة للشيخ عبد العزيز الدريني والتي يذكر فيها الدريني مشايخة وذكر منهم السيد أحمد الرفاعي ونص فيها على شرافة السيد أحمد الرفاعي فقال : (وشيخنا القطب الشريف احمد) . وهذه القصيدة ذكرها ابن الملقن (723-804هـ) في كتابه (طبقات الاولياء) .

هذا بعض التوضيح لهذه الشبه والذي اثبتنا فيه ان قول ابن خلكان قول انفرد به ابن خلكان ، ثم جاء من نقل عنه من بعده ، وخالفه البعض في قوله مع أنه ينقل عن ابن خلكان أو اطلع على مؤلفه كما وضحنا وسأذكر من جاء قبله أو بعده وأثبت النسب الرفاعي في بحث آخر في هذا المنتدى بأذن الله وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين

عبد الله
عماد بن على الصيادي الحسيني

__________________

هناك تعليق واحد:

  1. الله العالم كثر الكذب في ال بيت رسول الله بس نحن نعلم إن ال بيت رسول الله هم من حكموا اليمن قرابة الف عام وهم بيت المتوكل والأشراف في أرض الحجاز وكمان في حضرموت مثل بيت الصافي وبيت الصبان ووووو

    ردحذف