الأحد، 24 يناير 2010

حمد باشا الباسل



هو حمد بن محمود بن محمد الباسل من عائلة زيدان قبيلة الرماح ولد فى شهر ذى الحجة سنة 1288 هجرية ولما توفى والده صدر أمر خديوى مصر وقتذاك الخديوى توفيق باشا بعد قرار محلى النظار بتعيينه استثناء عمدة لقبيلة الرماح مكافأة على ما قام به المرحوم والده من خدمات عديدة للحكومة.

وقد نال جزاء خدمته الجليلة وأعماله المبرورة من سمو أمير البلاد الرتبة الثالثة سنة 1894م ثم تعطّف عليه سموه بالرتبة الثانية الرفيعة الشأن إلا أنه فى عام 1909 تخلى عن عمديه قبيلة الرماح مخلفاً فيها أخاه الشيخ/ عبد الستار بك الباسل وانتخب عام 1909م فى لجنة النفى الإدارى بمديرية الفيوم ثم عضو فى لجنة تعداد العربان وفى أواخر سنة 1910 عين فى لجنة العربان الاستثنائية وفى عام 1911 عين فى مجلس مديرية الفيوم وكان فى جميع الوظائف التى تقلدها محبوبا ومكرما من الجميع.

أولاً: رحلاته

له رحلات عديدة منها فى سوريا وبلاد العرب وكانت علاقته قوية بأبناء جلدته العرب* الكرام وقد ساح فى أوربا ووقف على أسرار مدنيتها وبواعث عمرانها. وإنك لتعجب عندما تراه ملتفاً فى جرده ويتكلم الفرنسية كأنه ابن باريس ويخاطب بالإنجليزية مثل وليد لندن ويعد كذلك من كبار المزارعين فى القطر المصرى وقتها، وقد استدعاه حاكم السودان وسردار الجيش المصرى (ونجت باشا) ليزور السودان ويقدم آراءه بشأن زراعتها ومستقبلها فلب الطلب وعرض زبدة أفكاره مشروحة شرحا مؤيدا منطقيا وعمليا ويشير هذا الاستدعاء إلى ما للمرحوم/ حمد باشا الباسل من المنزلة الرفيعة والمقام العلمى العالى فى أعين ذوى الحل والعقد فى القطرين المصرى والسودانى. وهو من جملة الرجال المعدودين الذين جمعوا بين فضائل البدوى الشرقى وعلوم الغربى واسع الفكر شديد الغيرة مناصر للحرية وعربى كريم بفضائله ومناقبه ولا ننسى أياديه البيضاء فى مساعدة إخوانه الليبيين أثناء هجرتهم إلى مصر إبان الاحتلال الإيطالى الغاشم وقد تبرع لهم بحوالى 500 فدان من أرضه ليقيمون عليها ويرعون مواشيهم بها وكساهم وأطعمهم كما تبرع للدولة العلية العثمانية وقتها ولجمعية الهلال الأحمر المصرية وقد انتخبته الحكومة المصرية عضواً بالجمعية التشريعية نظراً لسمو مداركه.

وفى سنة 1914 م أُنعم عليه برتبة (ميرميران) الرفيعة الشأن وهذا الإنعام حل محله وصادف أهله. هذا هو معدن المرحوم/ حمد باشا الباسل فكان جوادا كريماً وعربيا صميم.

ثانياً: تاريخه السياسى

بدأ تاريخه السياسى الحقيقى إبان ثورة 1919 مع سعد زغلول ورفاقه وساهم فى إنشاء حزب الوفد بل ترأسه لفترة** وأنفق عليه من ماله الخاص. ومن ثم نُفى مع سعد زغلول إلى جزيرة مالطا .

وهناك قصة طريفة عن حمد باشا نذكرها الآن وهى (عندما كان مع سعد زغلول فى المنفى وكانت ظروفهم صعبة جدا ومنع عليهم الإنجليز المعونات المادية وكان سعد زغلول يرسل بخطابات لكن دون جدوى لأن الإنجليز كانوا يعترضونها حتى تنبه المرحوم حمد باشا لهذا الأمر وبفطنته البدوية وصفاء ذهنه أخذ ورقة وأرسل رسالة إلى أخيه عبد الستار بك الباسل رحمه الله "أخى عبد الستار بعد التحية والسلام.. الديك يذّن على الرحى" ففهم عبد الستار بك الشفرة ومغزى كلام أخيه ولم يفهمها الإنجليز والمصريين المواليين لهم وأرسل إليه المال الذى يحتاجه).

وهناك قصة أخرى طريفة تُحكى عنه ..

(إنهم كانوا مجتمعين عند خديوى مصر حينها وكان بعض النواب يحقدون على المرحوم حمد باشا الباسل لما له من مكانة وحظوة وحضور عند الخديوى فأراد أحدهم أن يستهزئ به وهذا الشخص يدعى (البدراوى عاشور باشا) من أعيان مصر وقتها فقال عندما دخل عليه حمد باشا الباسل " إيه يا حمد كله عند العرب صابون" وكان هذا المثل شائع ففهم المرحوم مغزى كلامه وشم منه رائحة الاستهزاء وقال ببديهته البدوية وبشخصيته القوية "كيف قوّلت طز يا عاشور" فضحك الجميع بما فيهم الخديوى نفسه وأصبحو يشيرون إلى البدرواى عاشور باشا ويقولون طز يا عاشور .. طز يا عاشور.

أنجب حمد باشا الباسل من الأولاد ابنه محمد وأنجب محمد من زوجته من قبيلة الفوايد ابنيه أبو بكر وعمر انتقل حفيده المهندس أبو بكر محمد حمد الباسل الي رحمة الله وكان يشغل منصب عضو بمجلس الشعب المصرى منذ عام 1968 الي وفاتة في عام 2005م ولايزال عمر على قيد الحياة

هذا هو المرحوم حمد باشا الباسل رحمه الله وطيب ثراه وأدخله فسيح جناته. ونرجوا أن نكون قد قمنا بتسليط الضوء على هذه الشخصية العظيمة الحرية بالأهتمام والدراسة والتنقيب. ومهما قلنا عنه لن ولا نوفيه حقه وفقني الله واياكم الي مافية الخير وان يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم

مع تحياتي الباحث احمد الحوتي

ahmed_alhuoty@yahoo.com


--------------------------------------------------------------------------------

* العرب: اسم يطلقونه فى مصر على أبناء قبائلنا الليبية.
* * لكن للأسف الشديد يذكرون الآن سعد زغلول ولا يذكرون المرحوم حمد باشا الباسل.

مراجــع البحث

(1) إلياس زخورا: مرآة العصر فى تاريخ ورسوم مصر، مطبعة الياس زخورا عام 1916.
(2) د/ فرج عبد العزيز نجم: الهجرات المتعددة للقبائل الليبية وتأثيرها فى دول الجوار، بحث منشور فى موقع libyajeel.info الجزء السابع، الهجرة إلى مصر.
(3) مقابلة شخصية مع حفيد المرحوم المهندس أبو بكر الباسل، القاهرة عام 2003.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق